محليات

ماذا وراء تمنع رياض سلامة عن المثول أمام القضاة الأوروبيين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"درج":  جنى بركات - صحافية لبنانية

فيما ينتظر المودعون حلاً يقضي بالإفراج عن أموالهم التي سطت عليها المصارف اللبنانية وسياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المالية، تتجه الأنظار إلى الوفد الأوروبي الذي جدد زيارته الى بيروت لمتابعة قضية سلامة، المتهم بغسيل الأموال وتحويل 330 مليون دولار لمصلحة شركة “فوري أسوشيتس” التي يرأسها شقيقه رجا.

تمنّع المدّعى عليه في قضية غسيل الأموال والجرائم المالية رياض سلامة عن حضور جلسة الاستجواب الأولى في قصر العدل، فالقضاة الأجانب انتظروه ساعة ونصف الساعة بلا جدوى، حضر في النهاية وكيله المحامي شوقي قازان نيابة عنه ودام اللقاء مدة نصف ساعة تقريباً. 

يمثل هذا المشهد مؤشراً إضافياً للاستخفاف بالقضية برمتها، ويبدو كطريقة لمواربة العدالة الغربية على الطريقة اللبنانية.

وفيما ينتظر المودعون حلاً يقضي بالإفراج عن أموالهم التي سطت عليها المصارف اللبنانية وسياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المالية، تتجه الأنظار إلى الوفد الأوروبي الذي جدد زيارته الى بيروت لمتابعة قضية سلامة، المتهم بغسيل الأموال وتحويل 330 مليون دولار لمصلحة شركة “فوري أسوشيتس” التي يرأسها شقيقه رجا.

مسار اجتماعات قصر العدل تخللتها خطوات توحي بالارتياب بنيات السلطة في لبنان لجهة رغبتها بحماية سلامة من القضاء الدولي. 

بحسب مصادر قانونية فإن التحقيقات في لبنان وعلى أهميتها، إلا أنها قد تكون مدخلاً يساعد سلامة أيضاً على تجاوز التحقيقات الأوروبية التي تلاحقه. 

ماذا بعد إرجاء الجلسة؟

بدا يوماً عادياً في قصر العدل خالياً من أي تشديد أمني أو استنفار، ترقباً لوصول موكب سلامة، وصل وفد القضاة الأوروبيين الآتين من فرنسا، ألمانيا، ولوكسمبورغ عند العاشرة صباحاً برفقة مترجمين، وتوجهوا إلى الطبقة الرابعة حيث مجلس شورى الدولة وجلسوا في المكتبة التابعة للمجلس في آخر الممر، استعداداً لاستقبال سلامة ومحاميه.

انضم الى القضاة لاحقاً قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلينا اسكندر ورئيس القلم، ومن ثمّ أتى محامي سلامة، شوقي قازان. علّل قازان خلفيات عدم حضور موكله باعتبار أن استماع القضاة الأوروبيين لسلامة في لبنان فيه خرق للسيادة اللبنانية، علماً أن ذلك غير صحيح، لأن معاهدة “مكافحة الفساد” التي وقّع عليها لبنان مع الأمم المتحدة عام 2009، تجيز التعاون القضائي الدولي في حال تعذّر على الدولة اللبنانية القيام بالإجراءات المطلوبة. 

لذا، قرر القضاة الأوروبيون إرجاء جلسة الاستماع ليوم الخميس 16 آذار/ مارس 2023، وأشار مصدر قانوني لـ”درج” إلى أن ثمة رسالة مطمئنة لسلامة للحضور أمام القضاة الخميس لاستجوابه ولن يكون هناك مذكرة توقيف. تعرف تلك الخطوة بأنها استنابة قضائية لأن القضية تندرج ضمن الجرائم المالية وغسيل الأموال، خارج لبنان. في حال لم يمثل أيضاً، هناك ثلاثة احتمالات، إذ يحق للقضاة إصدار مذكرة توقيف تنفذ خارج الأراضي اللبنانية، أو تسليم اسمه لـ”الإنتربول”، أو ببساطة إرجاء الجلسة الى موعد لاحق. 

في المقابل، شددت مصادر قضائية لـ”درج” على أهمية خطوة القاضية هيلينا اسكندر لجهة حفظ حق الدولة بالادعاء على سلامة، وأكدت أن هامش تفلت حاكم المصرف المركزي رياض سلامة أصبح ضيقاً، ولفتت إلى أن موضوع الاستنابة القضائية الأوروبية مختلف عن القضية التي رفعتها الدولة اللبنانية على سلامة. 

اسكندر طلبت الحجز على ممتلكات سلامة وشقيقه رجا، بصفتها ممثلة هيئة القضايا أي أنها محامية الدولة اللبنانية، فالتحفظ على أملاكه في فرنسا يمكن أن يكون من حق الدولة اللبنانية.

خلفيات الادعاء 

سبق أن حضر الوفد الأوروبي إلى لبنان في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي واستمع إلى شهود مصرفيين وسياسيين في القضية ذاتها المتهم بها رياض سلامة. حضر الشهود وأدلوا بشهاداتهم ولم يتذرعوا حينها بأي حجة، باستثناء اثنين منهم بداعي السفر والمرض. 

تابع القضاة الأوروبيون التحقيق في الملف، وقرروا العودة إلى لبنان فتمتد زيارتهم من 15 آذار حتى 18 منه. بدأت التحقيقات في قضية سلامة أوائل العام 2020 بعد سلسلة تحقيقات نشرها موقع “درج” و”مشروع تتبّع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود” OCCRP، التي أثبتت ملكية سلامة عدداً من المنازل والشركات في أوروبا، إضافة إلى تحويل مبالغ ضخمة إلى الخارج. وفي 28 آذار 2022، جمّدت ثلاث دول أوروبية فرنسا، ألمانيا ولوكسمبورغ، أصولاً عائدة إلى سلامة بقيمة نحو 130 مليون دولار، وطاولت التحقيقات نجل سلامه ندي وشقيقه رجا في إدارة شركات منسوبة الى سلامة أيضاً. 

أطلقت السلطات في سويسرا وفرنسا ولوكسمبورغ وليختنشتاين تحقيقات في غسيل أموال أو اختلاس مرتبطة بسلامة، الذي اتهمته النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون بالإثراء غير المشروع. كما جمدت السلطات الأوروبية 46 مليون يورو (50.9 مليون دولار) في حسابات مصرفية في موناكو، و11 مليون يورو (12 مليون دولار) في حسابات في لوكسمبورغ، و2.2 مليون يورو (2.4 مليون دولار) في حسابات فرنسية.

كان المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش شبه واثق من أن الحاكم سيمثل، خصوصاً أن الإجراءات من توقيف أو منع سفر لا تنفذ في لبنان لأن الادعاء أوروبي. في المقابل، يتمسك سلامة بأن مثوله أمام الأوروبيين يعتبر خرقاً للسيادة اللبنانية، علماً أنهم يحققون بمصدر ممتلكاته هناك، لكن مصادر قانونية قالت لـ”درج” أن محامي سلامة يحاول المماطلة حتى نهاية ولايته في تموز/ يوليو 2023 وعدم القبول بالتمديد له ومحاولة إغلاق الملف. لكن، هل يخالف سلامة التوقعات، مستفيداً من التطمينات حول عدم توقيفه، فيمثل أمام الوفد الأوروبي؟

 

 


فيما كان يفترض أن يستمع المحققون الأوروبيون الموجودون في بيروت منذ يوم الاثنين الماضي، أمس إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الاستنابة القضائية الصادرة عن القضاء الأوروبي للاشتباه بضلوعه وشقيقه رجا في قضايا اختلاس أموال عامة، غاب الرجل عن الجلسة، معتبراً أن استدعاءه إلى جلسة تحقيق أوروبية هي انتهاك للسيادة اللبنانية.

لكن تطوراً قضائيا آخر طرأ أمس أيضا، وشغل اللبنانيين. إذ تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بادعاء شخصي في حق كل من حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا وماريان الحويك وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت.

وطلبت توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية.

فما الذي حصل؟
لتنتشر التساؤلات كالنار في الهشيم بين اللبنانيين، حول هذا الإجراء.

في حين أوضحت القاضية هيلانة إسكندر لـ"العربية.نت" أن "الادّعاء على سلامة لا علاقة له بالاستنابة القضائية الأوروبية"، لافتة إلى أنه "عندما تنتهي جلسات الاستماع إليه من قبل المحققين الأوروبيين، يُحدد قاضي التحقيق موعداً لجلسة الاستماع إليه في قضية الادّعاء عليه من قبل النيابة العامة التمييزية".

كما أوضحت أنه "كان من المُفترض أن تّدعي على حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته قبل 15 مارس/آذار الحالي، لكن وصول الوفد الأوروبي إلى لبنان وطلبه الاستماع إليه في هذا الموعد دفعها إلى إرجاء الادّعاء إلى يوم أمس".

الدولة متضررة

ولفتت إلى أن "النيابة العامة التمييزية أجرت تحقيقات بواسطة المحامي العام التمييزي القاضي جان طنّوس بشأن حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته، وفي ختامها رفعت تقريراً طلبت فيه الادّعاء عليهم، وبما أن الدولة اللبنانية متضرّرة من جرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي التي وردت في الادّعاء، طلبت الحجز على أموالهم وممتلكاتهم إلى حين صدور القرار الظني".

كما أشارت القاضية إسكندر إلى "أنها ستتطلّع على ملف التحقيقات الأوروبية بشأن سلامة كي تستفيد منه في قضية الادّعاء عليه باسم الدولة اللبنانية ضده". وأكدت "أنها تقوم بواجباتها كقاضية، أما كفّ يد حاكم مصرف لبنان عن العمل إلى حين انتهاء التحقيقات فيعود إلى الحكومة".

ومع تغيّب حاكم مصرف لبنان عن جلسة الأمس بعد أن قدّم أحد وكلائه القانونيين مذكرة توضيحية، اعتبر فيها أن استدعاءه إلى جلسة تحقيق أوروبية هي انتهاك للسيادة اللبنانية، يُفترض أن يحضر شخصياً جلسة اليوم الخميس بعدما رفضت النيابة العامة التمييزيّة مذكّرة التوضيح.

 

وفي الإطار، أكد مصدر قضائي رفيع لـ"العربية.نت" "أن القضاء اللبناني يُنفّذ استنابة قضائية أوروبية بموجب المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان". وأوضح "أن القضاء سيستمع إلى حاكم مصرف لبنان بحضور محققين أوروبيين ليس كمُدّعى عليه وإنما في إطار "جمع المعلومات" تماماً كما ورد في الاستنابة الأوروبية".

تدابير أوروبية

إلى ذلك، أشار المصدر القضائي إلى "أنه في حال تغيّب سلامة عن جلسة اليوم، فإنه يعود للمحققين الأوروبيين وليس القضاء اللبناني اتّخاذ التدابير القانونية المناسبة".

وتُعقد جلسة الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان بحضور قاضٍ فرنسي وممثل عن الدولة الألمانية، وسيطرح قاضي التحقيق الأوّل في بيروت القاضي شربل أبو سمرا على سلامة نحو مئة سؤال أودعها لديه المحققون الأوروبيون.

كفّ يد سلامة

تأتي تلك التطورات القضائية فيما تتصاعد الأسئلة في لبنان حول أسباب عدم كفّ يد سلامة عن الوظيفة المُناط بها ريثما يتم الانتهاء من تحقيقات النيابة العامة التمييزية والأوروبية أيضا.

إلا أن رئيس مؤسسة جوستيسيا لحقوق الإنسان الدكتور بول مرقص أوضح لـ"العربية.نت" "أن قانون النقد والتسليف لا يُجيز إقالة الحاكم في سياق قضائي، إلا إذا صدر حكم بحقه ويكون ذلك في مطلق الأحوال بقرار ثلثي عدد الأعضاء الذين يؤلّفون الحكومة وفق المادة ٦٥ من الدستور الأمر المتعذر راهناً إلا إذا اعتبرت الحكومة أن وضعية الحاكم الراهنة تستدعي هذه الخطوة بسبب مخاطر السمعة المتزايدة ومصلحة الدولة العليا مع احتمالات الطعن بها من قبله أمام مجلس شورى الدولة".

أما عن مسار التحقيق الأوروبي، فأوضح مرقص "أنه في المبدأ القانوني لا شيء يمنع القضاة الأوروبيين من المضي في تحقيقاتهم حتى بلوغ مرحلة إصدار المذكرات والأحكام حتى لو توقف لبنان عن التعاون وأراد تفعيل الفقرة ٢٥ من المادة ٤٦ من اتفاقية مكافحة الفساد التي تُبيح له استئخار التعاون إلى حين انتهاء التحقيق اللبناني الأمر الذي لا أراه في المدى المنظور".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا